الاثنين، 14 ديسمبر 2020

سيرة نصر حامد أبوزيد


الناشر: الكتب خان للنشر والتوزيع-القاهرة

تاريخ النشر: 2010


* في مايو 1992 تقدم نصر حامد أبوزيد (1943-2010) بأوراقه لقسم اللغة العربية بجامعة القاهرة لنيل درجة أستاذ، تقدم وفي جعبته عدد من البحوث وكتابين كان قد ذاع صيتهم بين المثقفين، بيد أن لجنة الترقيات رفضت ترقيته، بسبب ضغط واحد من أعضاءها، عبد الصبور شاهين الاستاذ الجامعي والخطيب في أحد المساجد المصرية، ليتطور الأمر بعد خطبة شاهين الدينية في جامع عمرو بن العاص بمصر القديمة، ويصل لإعلان نصر أبوزيد الباحث الأكاديمي مرتداً من قبل المحكمة، وأنه يجب التفريق بينه وبين زوجته، مما دفعهما هو وزوجته الدكتورة ابتهال يونس لمغادرة مصر في 1995، وفي هذا الكتاب قامت إستر نيلسون، أستاذة دراسات دينية أمريكية، بعد أن قرأت مقالاً عن قضية/قصة نصر حامد أبوزيد، في جريدة النيويوركر الأميركية، قامت بالتواصل معه والاقتراح عليه ليقوم بكتابة كتاب عن نفسه، يوضح فيه مسار رحلته البحثية، وليس فقط حول الأحداث التي أدت إلى نفيه، ليثمر تعاونهما معاً في انتاج هذه السيرة، وفيها يعود أبوزيد لسنوات طفولته في قحافة/طنطا، متحدثاً عن نشأته فيها وعن والده ووالدته ذات المراس الصعب وحفظه للقرآن منذ كان في الثامنة من عمره، ليقول إنه كان تلميذاً متفوقاً وإنه كان يقرأ لأصدقاء والده الذين لايعرفون القراءة، لكنهم مع ذلك كانوا يصوبون له أخطاءه ويشرحون له السياق الذي تأتي فيه أخبار الجريدة، ليقول أن ذلك عَلّمَه مبكراً أن معرفة القراءة لاتجعل الإنسان مباشرةً مثقفاً أو حكيماً، ونبهه لضرورة انطلاق أو ارتباط الباحث بواقع الناس ومجابهته لأسئلة العصر، وفي مجاله الدراسات الإسلامية، يحكي حامد أبوزيد عن تردده، في بواكير حياته الأكاديمية، في التخصص باحثاً في قسم الدراسات الإسلامية، وهو الذي كان يعرف، كيف خُنق من قبل في هذه القسم صوت، كل من علي عبد الرازق وطه حسين ومحمد أحمد خلف، فمشكلة الدراسات الإسلامية في كل العالم الإسلامي، أن بحوثها مجرد وعظ، كما يقول، وأنها لا تريد تطبيق قواعد البحث العلمي على دراسة الإسلام، كما شمل الكتاب أيضا حديثه عن علاقته بشقيقاته وزوجته ابتهال، وعن تجربته في البحث والتدريس وعما تعلمه، في كل من الولايات المتحدة الأميركية واليابان، وفي هولندا التي كانت قد استقبلته استاذاً للغة العربية والدراسات الإسلامية في جامعة لايدن، بعد أن ضاق به الحال في مصر، ورغم وجود طلبة له عديدين في تلك البلدان، حكى كثيراً عن توقيرهم له، لكنه ينقل حزنه من إنه لا يستطيع التدريس في جامعة القاهرة لطلاب مصريين، ويحكي عن حسرته في ان جامعة القاهرة، ليست ذلك المكان المقدس لتبادل الأراء وانتاج الأفكار.


الأربعاء، 9 ديسمبر 2020

الدين والعرف في مجتمع مسلم


اسم الكتاب: الدين و العرف في مجتمع مسلم مجتمع البرتي السوداني

المؤلف: لاديسلاف هولي

المترجم: د. عثمان محمد عثمان علي

الناشر: مطبعة جامعة الخرطوم

تاريخ النشر: 2013





عرض: هشام مكي حنفي

* هذا الكتاب بحث أنثروبولوجي متفرد في موضوعه يتناول الممارسات والطقوس والعادات الاجتماعية التي تمارس في مجتمع قبيلة البرتي السودانية، وكما يقول المترجم في المقدمة إن المؤلف يحاول مناقشة المناهج المختلفة لدراسة تنوع الرؤى في الإسلام. يتناول البحث ما هو ديني و ما هو عرفي تقليدي موضحاً ما يقوم به الرجال وما تقوم به النساء من ممارسات على أساس هذا التصنيف، يصل الكاتب إلى نتيجة مثيرة للانتباه توضح أن الممارسات والطقوس التي يعتقد البرتي أنها دينية وترجع للإسلام يقتصر الإشراف على أدائها على الرجال ويقدم كثير من الأمثلة على ذلك مثل مهنة تعليم القرآن و المعالجة به وكتابة الرقي وفك الأعمال السحرية والتوسل لجلب البركة وغير ذلك، بينما الأعمال الطقسية المتوارثة من ما قبل الإسلام والمتعلقة بطقوس العبور والولادة ومباركة الأزواج الجدد وطقوس الخصب المتعلقة بالزراعة والحصاد وغيرها من شؤون الحياة فتتولاها النسوة المسنات. كذلك يقول الدكتور عثمان في تقديمه لهذا الكتاب أنه ليس مجرد دراسة إثنوقرافية للطقوس و العقيدة والنوع في مجتمع أفريقي فحسب، لكنه يقدم حسب وصفه إسهاماً كبيراً في النقاش الانثروبولوجي الحالي حول تفسير و معنى الطقوس و الرموز أيضاً.

* الكتاب دراسة ميدانية متعمقة تمت على مدى سنوات عاش فيها الكاتب وزوجته في عدد من قرى البرتي و جمع مادتها من معايشة القرويين عبر الملاحظة والسؤال واللمقابلات الفردية والجماعية، وقد تم ذلك في الفترة ما بين عقدي الستينات و الثمانينات حيث زار المؤلف المنطقة ست مرات ما بين العام 1961 و العام 1986 وبقي خلالها لفترات تفاوتت ما بين ثلاثة و تسعة شهور بلغت في مجملها أكثر من ثلاث سنوات، فتكونت من هذه الحصيلة مادة ثرة بينت تداخل القديم والمستحدث وكيف تتعامل المنظومات الثقافية مع العناصر الوافدة إليها و تستوعبها ضمن نسيجها، كما يستعرض الكتاب الأساطير القديمة المؤسسة للبناء المعرفي للبرتي خصوصاً فيما يتعلق بتقسيم العمل و توزيع أدوار النساء والرجال وتأسيس قيم وضوابط الحياة.


* كذلك الكتاب يمثل إضافة معرفية ثرة و إضاءة قيِّمَة لجوانب من حياتنا ما زال يعتريها التعتيم و عدم المعرفة في وقت نحن أحوج ما نكون فيه لمعرفة تكويننا الثقافي لنستطيع خلق هوية سودانية قائمة على المعرفة الحق و ليس مجرد التعلق العاطفي أو التهويم النظري الهش.

* بالإضافة للهوامش و بعض الجمل الاعتراضية التفسيرية، أجرى المترجم لقاءات مع بعض الأفراد من قبيلة البرتي في مدينة مليط التي هي المركز الرئيس لهم و مقر ملكهم خلال العام 2013، قام فيها بإعادة إلقاء بعض أسئلة البحث عليهم لتأكيد أو مراجعة صحة بعض المعلومات الواردة في الكتاب و بناء على هذه الإفادات حاول نفي بعض النتائج التي توصل إليها المؤلف على الرغم من بعد الشقة الزمنية و اختلاف الأجيال و عوامل أخرى كالتأثير الناتج عن الجو السياسي و الفكري الخانق الذي كان مهيمناً خلال العام 2013 و مدى اختلافه عن جو التسامح الذي كان سائداً وقت جمع البيانات التي بنى عليها المؤلف تحليله. بشكل عام يمكن القول أن المترجم أبقى على النص الأصلي للكتاب كما أشار لذلك في المقدمة باستثناء الإضافات المشار لها سابقاً، حيث يقول أنه "عكف على إجراء ترجمة دقيقة للنص الأصلي" و رأى "ضرورة التحقق من بعض التسميات و المصطلحات المحلية و بعض البيانات و المعلومات .....و إظهار الاختلاف أو التناقض حيث وجد في هوامش جديدة".

* صدر الكتاب في الأصل باللغة الانقليزية بعنوان (Religion and Custom in a Muslim Society: The Berti of Sudan) في العام 1991 عن مطبعة جامعة كمبردج، ثم  صدر باللغة العربية بعنوان (ترجمة و تحقُق في كتاب لاديسلاف  هولي: الدين و العرف في مجتمع مسلم مجتمع البرتي السوداني) في العام 2013 بترجمة د. عثمان محمد عثمان الأستاذ بقسم علم الاجتماع و الأنثروبولوجيا الاجتماعية بجامعة الخرطوم عن مطبعة جامعة الخرطوم. المؤلف لاديسلاڤ هولي (Ladislav Holy) شيكي الأصل (Czech) عمل أستاذاً للأنثروبولوجيا الاجتماعية بجامعة سانت أندروز الاسكتلندية 1987-1997. الكتاب يقع في 234 صفحة و هو مقسم إلى تسعة فصول و ملحق لشرح المصطلحات و ثبت للمراجع التي استخدمها المؤلف لاديسلاڤ هولي.