الأربعاء، 15 مارس 2023

إعدام شعب

 

اسم الكتاب: إعدام شعب 

المؤلف: محجوب عمر باشري






* محجوب عمر باشري (1925-2008) أستاذ لغة إنجليزية ومترجم وكاتب، ومن أشهر كتبه (رواد الفكر السوداني) الذي يُعد مرجعاً مُهماً في التاريخ الفكري والثقافي للنصف الأول من القرن العشرين في السودان، وقد وثق فيه لحياة أو لنشاط مايزيد عن الـمائة رائد سوداني في مجالات مختلفة، عبر مقالات سِيريّة اعتمد فيها، كما يذكر، على انه كان شاهد عصر لبعض هؤلاء الرواد وقارئاً أو متصلاً بما كتبه أولئك الذين لم يشهدهم، وفي كتابه هذا (إعدام شعب) وانطلاقاً من ذات موقع الشاهد، يُقدم شهادة مُؤلمة عن خراب مؤسسة الرئاسة والحكم خلال سنوات مايو (1969-1985) وكان قد شغل في 1970 وظيفة كبير مترجمي القصر الجمهوري أو قصر الشعب كما كان يسمى يومها، فنقرأ في كتابه/شهادته كيف اُختِير جعفر محمد نميري لرئاسة انقلاب لم يُخطِّط له، لينفرد خلال عامين بحكم السودان، بعد تدبير تخريجة دستورية وإدارية، أعدها كل من د. جعفر محمد علي بخيت ود. منصور خالد وأحمد عبد الحليم، مكنته من تركيز كل السلطات في يده، واستطاع التحكم في وزرائه بعد أن اغراهم بالمركز والمرتب والامتيازات، وقد تميز نميري كما يقول محجوب باشري بقدرة على معرفة شهوات وأطماع البشر، فكان يمهد طريق النهب لمن يريد المال ويرفع من يريد المركز مكاناً عالياً، وكانت بحوزته ملفات لكل سلوك مسؤوليه وأسرهم، فجعلته هذه الملفات لا يتهيب أن يضرب وزيراً أو يشتمه وأن يعزل آخراً من منصبه ثم يعيده ثانيةً، والتفت حوله مجموعة من رجال المال والأعمال، كانوا قد أقاموا له حفلاً ضخماً لتهنئته بضربه للشيوعيين، واستطاعت ان تسيطر على الاقتصاد بمعزل عن مؤسساته الحكومية المختصة، ويشير الكتاب أيضا لجبن نميري إبّان أحداث/انقلاب الجبهة الوطنية في 1976، حيث اختفى لثلاثة أيام، انتصر خلالها وزير داخليته عبد الوهاب إبراهيم سليمان على الحركة المسلحة وأعاد مقاليد السلطة لمايو، وذهب ليبحث بعد ذلك عن نميري المختفي في ود مدني، كما يتحدث عن إصابته بهزة عصبية، بعد انقلاب/أحداث 19يوليو 1971، دفعته للإيمان بالسحر والخرافات وارتمائه في أحضان الشيوخ، الذين كان يسعى للقاءهم في كل ارجاء السودان، ويذكر المؤلف انه بعد أيام من إعدام الشهيد محمود محمد طه أصابت نميري حالة من الفزع، إذ أخبره أحد دراويشه بإن لطه خُدَّام يريدون ثأره، وكان يصيح وهو يردد أن شيطاناً يتهدده بالقتل، فطلب من سلطات سجن كوبر أن تدله على مكان الجثة، التي كان قد قُذف بها على ساحل البحر الأحمر، وبالفعل وجدها وقام بتقبيل رأس طه والصلاة عليه وتكفينه ودفنه بنفسه، كما يقول المؤلف، الذي كتب في صفحات كتابه الأولى انه سيقص علينا قصة مأساة نظام مايو، الذي أفقر البلاد وأشرع الأبواب للفساد، وهي ذات المأساة التي لا تزال فصولها تتواصل إلى اليوم. صدر هذا الكتاب في 1992 عن دار الجيل في بيروت.

الأربعاء، 22 فبراير 2023

ذكريات وتجارب دبلوماسية

 

اسم الكتاب: ذكريات وتجارب دبلوماسية

المؤلف: د. عطا الله حمد بشير



* د. عطاء الله حمد بشير (1945-2019) دبلوماسي سوداني ولد في قرية ملواد نواحي دنقلا، وتلقى تعليمه الابتدائي والأوسط في شمال السودان والثانوي في مدرسة وادي سيدنا ثم في جامعة الخرطوم، والتحق بوزارة الخارجية في 1970 لينال خلال عمله الدبلوماسي ماجستير العلاقات الدولية في 1979 بأمريكا ودكتوراة السياسة والتنمية في 1986 برومانيا، وفي هذه المذكرات سيرة شيقة لمسيرة تعليمه وعمله وانقطاعه عن حياة القرية والعيش في المدينة، جاءت بالباب الأول، وقد كتب د. منصور خالد في تقديمه للمذكرات (قرأت ماكتب السفير وأنا مشدود إلى ماكتب وتعلمت منه الكثير خاصة عن البيئة التي نشأ فيها، وجغرافيتها الطبيعية والبشرية، ووسائل كسب العيش فيها، والضنك الذي كان يعانيه أهلها). وجاء الباب الثاني حول تجربة عمله الدبلوماسي التي أمتدت لأربعين عاماً، ليكون بذلك صاحب تجربة مهنية طويلة، وقد نقلت مذكراته معلومات كثيرة عن علاقة السودان بمجموعة من الدول التي عمل بها، مثل الكويت وايطاليا ورومانيا والمانيا الشرقية وكوريا الجنوبية وهولندا وأثيوبيا والمملكة العربية السعودية، كما أخبرت المذكرات بالكثير عن السياسات الخارجية غير الحكيمة للسودان أو لحاكميه، وللكثير من التدخلات غير المهنية في عمل وزارة الخارجية، خاصةً في فترة حكم الانقاذ التي أوجدت بدعة السفراء الرساليين، ليُحرم السودان بسبب تلك السياسات من فرص استفادته من علاقاته الدولية، وليصبح مفعولاً به ومُمثَّلاً به كما يقول المؤلف، وهو الذي كان متاحاً له بحكم عضويته المبكرة في المنظمات الدولية، أن يكون فاعلاً قوياً ومُمثِّلاً قادراً لنفسه ولمحيطه العربي والأفريقي. وجاء الباب الثالث حول تجربة عمله أميناً عاماً لمنظمة الإيقاد، التي كان السودان قد دفع بفكرتها في 1986 لمجابهة تحديات موجات الجفاف والتصحر التي اجتاحت دول القرن الأفريقي في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، ثم تطورت المنظمة لتعني بالسلام والأمن والتعاون الاقتصادي والاجتماعي والأمن الغذائي والزراعة، ورغم تقدم المؤلف في عمله وإعادته بعضاً من الفاعلية لنشاط المنظمة، إلا انه يشير لضعف فاعليتها ويرجع ذلك لـ : شمولية وديكتاتورية النظم الحاكمة في بلدان المنظمة السبع (السودان واثيوبيا وجيبوتي وإريتريا ويوغندا وكينيا والصومال) ولعدم وجود أي روابط أو علاقات صداقة بين رؤساء تلك الدول، بل إن مايشوب علاقاتهم هو الحساسياي المفرطة والتنافس وتبادل العداء بين بعضهم، ولعدم توفر الإرادة السياسية لدى قادة ونظم وشعوب دول إقليم القرن الأفريقي، ولانتشار الحروب الثنائية والنزاعات الداخلية في مجمل دول الإقليم. صدر هذا الكتاب في 2017 بالخرطوم على نفقة المؤلف وهو من قام بتصميم غلافه، فهو فنان تشكيلي يهوى الرسم والتلوين، وقد جاءت بعضاً من أعماله التشكيلية في صفحات الكتاب الأخيرة.