الأربعاء، 25 مارس 2020

الديمقراطية الثالثة


الناشر: دار المصورات للنشر والطباعة والتوزيع-الخرطوم
تاريخ النشر: الطبعة الثانية 2019






* محمد على جادين مناضل سياسي وكاتب ومترجم غزير الانتاج، اقتربت مؤلفاته وترجماته من العشرين كتاباً، ولم يتوقف نشاطه السياسي/الفكري في مجالات العمل العام منذ كان طالباً في ستينات القرن الماضي حتى وفاته في 2016 وفي هذا الكتاب ينظر في تجربة الديمقراطية الثالثة في السودان (1985-1989) عائداً لنظام مايو/نميري الذي تراجع عن دور الدولة في الإصلاح الاقتصادي والتنمية المتوازنة، بعد أن فتح الباب واسعاً أمام تغلغل رأس المال الأجنبي والمحلى للاستثمار في موارد البلاد الوطنية، فتفاقمت الأزمة السياسية والاقتصادية، ليقول إن استمرار حكم النميري رغم فشل نظامه، يعود لعدم وجود معارضة مُوحدة، خاصةً بين اليساريين من شيوعيين وبعثيين وديمقراطيين، ولنهج معارضة أحزاب الأمة والإتحادي والأخوان المسلمون المرتبط بالعمل الخارجي والمغامرات العسكرية، بدلاً عن العمل الشعبي وسط الجماهير، إضافة لإصرار تلك الأحزاب على يسارية نظام مايو، رغم خلافه الباكر مع اليساريين وقوى القوميين العرب، وارتهانه لشروط البنك الدولي وارتباطه بالراسمالية العالمية والمحلية التجارية والبرجوازية البيروقراطية، ثم يبسط المؤلف انعكاس ذلك الواقع، بعد سقوط نظام مايو، على فترة الحكم الانتقالي والحكومات التي تلته، بدءاً من ميلاد التجمع الوطني المتأخر، إذ جاء قبل واحد من اعلان السقوط، رغم ان المشاورات والنقاش حول مسودته/ميثاقه كانت بدأت منذ 1983 وقد جاء التجمع دون أن تتمكن أطرافه من الاتفاق على رؤية مشتركة بخصوص تسليم السلطة وهياكل مؤسسات الفترة الانتقالية، ليقوم جنرالات الجيش منفردين، بتكوين مجلس عسكري انتقالي منح نفسه سلطات السيادة والتشريع، متحكماً بذلك في الفترة الانتقالية، المنوط بها تهيئة البلاد للانتخابات وتسليم السلطة لممثلي الشعب، لانجاز مهام الانتفاضة حسب ميثاق التجمع المتمثلة في: عقد المؤتمر الدستوري لإيقاف الحرب الأهلية/المؤتمر الاقتصادي وتحرير البلاد من التبعية للامبريالية/ تصفية آثار مايو والقاء قوانين سبتمبر/ تحرير البلاد من التبعية الاجنبية في السياسة الخارجية، وهي المهام التي لم تقم بانجازها حكومات الديمقراطية الأربعة، حتى وقع انقلاب الاسلاميين في 30 يونيو 1989، ليختم المؤلف تقييمه/كتابه بتقديم عدة ملاحظات تتمثل في عدم قدرة المؤسسة النيابية على استيعاب كأفة التنظيمات السياسية والاجتماعية الفاعلة، وفي تميز سلوك الأحزاب المهيمنة بالممارسات الانتهازية غير المبدئية، مع سعيها لتقييد حرية النشاط الحزبي والنقابي والصحفي، وهي التي كانت ترفع شعارات الديمقراطية الليبرالية.

الاثنين، 9 مارس 2020

سجين الخليفة





الناشر: دار المصورات للنشر والطباعة-الخرطوم
تاريخ النشر: الطبعة الثانية 2019






* قدم شارلش نيوفيلد، وهو ألماني الجنسية، إلى السودان في نهاية القرن التاسع عشر بغرض التجارة في الصمغ العربي أو للتخابر، ففي الكتاب اشارات متفرقة عن تعاونه مع المخابرات البريطانية، وقد تم الامساك به بواسطة رجال الأمير عبد الرحمن النجومي، أثناء تسلله قادماً من مصر إلى السودان، وقام الأمير بارساله إلى أمدرمان، والكتاب سيرة لأيام سجنه الطويلة التي دامت 12 عاماً، بيد أن سيرته هذه تكشف الكثير عن بؤس حياة الناس في سودان الخليفة عبدالله التعايشي، حيث الانتهاك التام لحقوق الإنسان والإحساس الدائم بالخوف والنقص المستمر للغذاء، خاصةً في سجن الساير، بل وفي أمدرمان نفسها عاصمة الدولة المهدية، فالمؤلف يحكي عن جموع الجوعى المتحلقين حول بيت المال، ليحصلوا منه على مايسد رمقهم، وعن جو المؤامرات والعداء الموجود بين قيادات الخليفة، وفي السجن يحكي عن الجلد المُبرح، الذي قد يصل إلى ألف جلدة، وأغلال الحديد الثقيلة التى تطوق أجساد السجناء، وعن فساد إدريس الساير مسئول السجن ومعاونيه، الذين كانوا يقومون بانتزاع المال من مسجونيهم مقابل منحهم بعض الامتيازات، إضافة لاقتسامهم معظم مايصل السجناء من طعام، فالسجن لم يكن يُقدم أي طعام لنزلائه، وقد مات كثيرين، مِن مَن لا أصدقاء لهم أو أسر ترعاهم، بسبب نقص الغذاء، وجاء الكتاب في 337 صفحة شاملاً 25 فصلاً تناولت أخبار حياة شارلس نيوفيلد منذ القبض عليه في أبريل 1887 وترحيله إلى دنقلا ثم إلى أمدرمان، مروراً بمعاناته في سجن الساير، الذي كان قد غادره أكثر من مرة لفترات طويلة، بزريعة معرفة زائفة في استخلاص مواد البارود، الذي كانت تحتاجه مخازن الخليفة، ولقاءه عدد من الجواسيس، المتواجدون بكثرة في أمدرمان، لتسهيل هروبه وتقديمه المعلومات، وللسؤال عن أعماله التجارية في مصر، حتى تحريره، عقب هزيمة كرري في الثاني من سبتمبر 1898، بواسطة سردار الحملة العسكرية البريطانية الغازية.