الاثنين، 29 يناير 2018

عن الأسلوب المتأخر


الناشر: دار الآداب للنشر والتوزيع-بيروت
تاريخ النشر: 2015





* من السائد أن يصل المرء أو المبدع في آخر العمر للطمأنينة والهناءة، وربما يقدم هذا المبدع، في تلك المرحلة من عمره، عمله الأكثر سبكا وتتويجا لأفكاره وأساليبه التي عمل عليها طيلة مسيرته الابداعية، في هذا الكتاب ينظر إدوارد سعيد لأعمال أخرى أو لمبدعين من نوع آخر، اتسم أسلوب عملهم الابداعي الأخير بما هو خلافا لتلك الطمأنينة ولذلك التطور المتتابع في علاقتهم مع ابداعهم، أو مايسميه بالتأخر الفني، الذي يأتي موسوما بما ليس تناغما وانفراجا، بل عنادا وعسرا وتناقضا بلا حل، وحيث لايسفر التقدم في السن واعتلال الصحة، عن ذلك النضج أو القبول، بل ينتج الغضب والتمزق والاضطراب، متخذا من ثيودور أدورنو الناقد الألماني وماقاله حول (الأسلوب المتأخر) نموذجا ودربا للنظر في عدد من الأعمال الأخيرة لكتاب وموسيقيين، يتحقق فيها أحد تلك العوامل الفاعلة في الأسلوب، بما يتيحه ذلك الأسلوب المتأخر من فجوات وثغرات، مع مافي هذه الأعمال من نزعة انتاجية عديمة الجدوى، وذلك مايدفع مايكل ستاينبرغ الموسيقي الأمريكي في تقديمه المخصص لهذه النسخة العربية أن يقول، خلافا لأدورنو وتوماس مان وغيرهم ممن جاء ذكرهم في الكتاب، من الذين ينجدل عندهم هذا التأخر بالحزن والخسران، خلافا لهم يجمع سعيد في نظرته للتأخر، وفي كتابه هذا كأسلوب متأخر، يجمع مع التأخر الانفتاح على الحياة الجديدة، أي مايشبه سياسة/رؤية إدوارد سعيد التي تظهر في كتبه الأخرى.

الأحد، 28 يناير 2018

في انتظار البرابرة


الناشر: المركز الثقافي العربي-الدار البيضاء/بيروت
الطبعة الثانية: 2004





* في مدينة وادعة تقع على حدود الأمبراطورية يحل ذات يوم العميد جول رجل المخابرات، فيتبدل حال المدينة والقاضي المسئول فيها، هاوي جمع الآثار، الذي لايقبل وجهة النظر القائلة بوجود برابرة يتجمعون ليشكلوا جيشا واحدا موحدا لغزو الأمبراطورية، ويبعث رجل المخابرات بالحملات لتمشيط الحدود والقبض على البدو والصيادين المغلوبين على أمرهم، باعتبارهم أسرى حرب وعيون للبرابرة الذين يتأهبون للحرب، يحاول القاضي تفنيد تلك الإدعاءات، ثم يدخل في علاقة يصعب عليه تحديدها، تنهب عقله ووجدانه، مع واحدة من الأسيرات التي قُتل أبوها تحت وطأة التعذيب، فيتم سجنه وإذلاله بتهمة خيانة الأمبراطوية وبأنه محب للبرابرة، بعد أن قام بارجاع الأسيرة/العشيقة إلى عشيرتها وراء الجبال، وكما في قصيدة كافافيس الشهيرة تلك، التي تدور حول البرابرة غير ال"موجودين" لانعرف في هذه الرواية: هل لهذا الجيش البربري وجود؟!  فقط ننظر لجيش العميد جول الذي بدأت سيطرته على المدينة تكتمل، ولانتشار الاشاعات عن قرب غزو البرابرة، ولسكان المدينة وهم يشرعون في الفرار، دون أن يأتي البرابرة لدك المدينة أو لتلقين أهلها الدرس كما يحلم بذلك القاضي.

الجمعة، 26 يناير 2018

عصر مايكل ك وحياته


الناشر: المركز القومي للترجمة
تاريخ النشر: 2015





* يقارن كثيرون أعمال ج. م. كويتزي الجنوب أفريقي بأعمال بيكيت وفرانز كافكا، وكويتزي نفسه يعلن عن محبته لهما، وسيشعر قارئ "عصر مايكل ك وحياته" أو قارئته، بذلك العجز الخانق الموجود في عالم كافكا، وبالعبثية التي تفعم أعمال صموئيل بيكيت، بيد أننا يمكن أن ننظر لتلك العبثية أو لذلك العجز المنتشر على أمتداد هذه الرواية، كمعلم من معالم عصرنا وليس كقدر/نهاية حتمية لبني الإنسان، وتلك هي مهارة كويتزي، أن يترك الباب مواربا لهذه الفكرة ولتلك، فجنوب أفريقيا مثلا في الرواية مخفية وظاهرة، إذ تخيم ظلال الفصل العنصري، دون الإشارة إليه، على كامل فضاءها، كما لا تغلق الرواية الباب أمام أي بلد آخر، يحدث فيه مايحدثه الفقر والإضطهاد بالإنسان، فمايكل ك البستاني المطارد دون جريرة سوى أنه فقير، بتمرده السلبي، والحامل أينما ذهب أو تشرد بين ثنايا ملابسه الرثة وفي جواربه مجموعة من البذور يحلم بزرعها، يمكن أن يوجد في أي مكان، وهذا مايجعل هذه الرواية عملا كاشفا بجدارة وصوت إدانة فصيح ومؤثر للظلم والفقر في هذا العصر.