السبت، 9 أبريل 2016

ماذا لو



اسم الكتاب: ماذا لو غيَّرت الأعمال الإبداعية مؤلفِّيها

المؤلف: بيير بيارد

المترجم: محمد أحمد صبح

الناشر: دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع-دمشق

تاريخ النشر: 2015م







عرض: أسامة عباس

 

* تفتح " لو" في الثقافة العربية الاسلامية الباب واسعاً أمام الشيطان، لكنها في هذا الكتاب تفتحه رحباً لعمل الخيال، حيث يقوم المؤلف في قراءته لعدد من الاعمال الإبداعية المُعتَمَدة، باستبدال زمن الصدور من زمن إلى زمن آخر ونسبة التأليف من مؤلفيها لمؤلفين آخرين، مستفيدا من الأراء الواردة في نظرية "موت المؤلف" ومتكئاً على خوض كُتّاب آخرين في هذا الاستبدال، كـ صموئيل بتلر الذي قال بنسبة "الأدويسة" لإمرأة وليس لـ هوميروس، أو قبول فرويد ودفاعه عن الرأي القائل بأن كاتب أعمال شكسبير ليس إبن سترانفورد ذاك، بل هو شخص آخر. ويزيد بايارد بأن اسم المؤلف عادة ما يتكّون في مخيلة قراءه مما تصوروه عنه، ليوجد بالتالي بحسب رأيه ثلاثة أنواع من المؤلفين، الانسان الحقيقي والمبدع/المؤلف الداخلي والمؤلف الخيالي أي صاحب تلك الصورة المُتكونة عنه، وهو الذي يستحق برأيه الاهتمام، لأن القراءة أصلا فعل يقوم على النشاط التخييلي الذي هو قوام العلاقة مع الأعمال الأدبية ومؤلفيها.


* يبدأ المؤلف بتطبيق نظريته حول هذا الاستبدال بقسم "تغييرات جزئية للمؤلفين" عن رواية نشرها مؤلفها في فرنسا تحت اسم أميل جار، ليس اسمه الحقيقي، لتعقبها روايات أخرى لاقت النجاح وحققت الشهرة لمؤلفها، الذي قام فيما بعد بنشر سيرة ذاتية تحت اسم ثالث، عن حياة وموت إميل أجار. ثم يتحدث عن كاتب آخر قدم روايته في الفرنسية كمترجم لها عن اللغة الانجليزية. وأخيراً يقول ماذا لو نظرنا لـ "أليس في بلاد العجائب" كرواية في القرن العشرين ولمؤلفها لويس كارول ككاتب سريالي. ليقدم من خلال تلك الاستبدالات، قراءاته حول المؤلف الخيالي وأهميته في العملية الابداعية وفي التلقي، ومايمكن أن تقدمه حالة لويس كارول، من نظرة جديدة أو تذوق صحيح لأعماله كـ "أليس في بلاد العجائب" أو "الجانب الآخر من المرآة".


* وفي قسم "تغييرات تامة لمؤلفين" يقوم بايارد بنسبة أعمال ابداعية لمؤلفين ليسوا مؤلفيها، كأن يكتب "الغريب لفرانز كافكا" ناظراً لموضوع القضاء الحاضر دوماً في روايات كافكا ولـ ميرسو بطل رواية الغريب لـ البير كامو الذي ينوء تحت عبء قانون يتجاوزه وجريمة قتل ارتكبها، ولا يعرف كيف يتعامل معهما، ليقول بإن هذا التبديل يمنح الرواية الفرصة لرؤية البعد السياسي لها، كما يمد العبث الذي ابرزه كافكا إلي سياقات أخرى منفتحة عكس المجتمعات المغلقة التي حُصر فيها. ثم يتابع ذات الاستبدال مع عمل الروائية الأمريكية مارغريت ميتشل مانحاً روايتها "ذهب مع الريح" للروائي الروسي ليو تولستوي. كذلك بَدّل بين الكاتبين البريطانيين د. هـ. لورنس و ت. ي. لورنس، بأن منح الأول كتاب "أعمدة الحكمة السبعة" والثاني رواية "عشيق الليدي تشاترلي". 


* يمد المؤلف في القسم الأخير من كتابه "إعادة النسبة في الفنون الأخرى" تبديله لأعمال تقع في حقول أخرى، مثل كتاب "الأخلاق" لـ باروخ سبينوزا مانحا سيجموند فرويد حق تأليفه ليقوم بمناقشة أراءه على ضوء أفكار كتاب "الأخلاق". ثم ينتقل لفيلم "المدرعة بوتيمكين" للروسي إيزينشتاين مانحاً حق إخراجه لـلإنجليزي الفريد هيتشكوك، رافضا النظر للأخير كمنفصل عن التاريخ كما توحي الفكرة المغلوطة عن أفلامه،
 أو أن همه الأساس نسج قصص بوليسية بمهارة، ليزيد بان فيلم "المدرعة بوتيمكين" يبرز فيه الترقب الذي يعتبر هيتشكوك مصورا عظيما له. ويختم بنسبة لوحة الصرخة لـلنرويجي إدفار مونك إلى الموسيقي الألماني روبيرت شومان.


* يختم بايارد كتابه قائلاً بإن التعديلات التي اقترحها لا تمثل إلا جزءاً بسيطاُ من من الامكانات الهائلة التي يمكن ان تنفتح أمام الابداع، عندما يتجاوز المحظور الضمني حول اسم المؤلف، الذي أضر بالدراسات الأدبية والفنية كما يقول. ليقول إن هذا الاستبدال أو مايسميه الخطأ السعيد (يعني تقدير كل العوالم الممكنة التي تلتقي في عمل، وكل المؤلفين الذين يمكن لهم كتابته، كما يعني عقد صلات جديدة من دون توقف بين الكُتّاب والنصوص).