الجمعة، 23 أكتوبر 2020

أشواق مؤجلة


الناشر: دار الحوار للنشر والتوزيع-اللاذقية/سوريا

تاريخ النشر: 2017



* ليست جميع أحداث هذه الرواية حقيقية، هذا ما جاء في الصفحة الأولى لهذا الكتاب، وربما يُهم قراء كثيرون، خاصةً في سلوفاكيا والتشيك وبلدان أوروبا الوسطى والاتحاد السوفيتي سابقاً، معرفة ماهو الحقيقي وغير الحقيقي أو الخيالي فيما تناوله الكتاب من أحداث وتفاصيل، كان أثرها عظيماً في تلك البلدان، لكن بالنسبة لقراء من خارج دائرة التأثير المباشر لتلك الأحداث والوقائع، تكمن حقيقة هذا الكتاب أو أهميته، في قدرته على تقديم سردية كاشفة وشيقة، لطبيعة دولة الحزب الواحد وطابع فسادها السياسي والإداري، أو تحكمها الحزبي/البوليسى، الذي يطفئ حياة الناس ويعدم فرص أي تطور ممكن للدولة أو للمجتمع، وقد تناول المؤلف تلك الأحداث من خلال سرد حكايته عنها، أو من خلال حضوره وبصحبة آخرين لتلك الوقائع، كأحداث اجتياح الاتحاد السوفيتي لتشيكوسلفاكيا 1968 التي أخمدت تطلعات (ربيع براغ) الإصلاحية وأجبرت ألكسندر دوبشتيك رئيس تشيكوسلوفاكيا يومها على التنازل، وكان المؤلف قد سافر قبل شهور من ذلك الإجتياح، مع فريق جامعته إلى أوكرانيا/الاتحاد السوفيتي للعب مباراة في الكرة الطائرة مع فريق جامعتها الرياضي، ليلتقي هناك بألكسندرا يوسيفوفنا غوسيفا ويقع كلاهما في الحب، وتلتحق يوسيفوفنا كموظفة إدارية بالجيوش الغازية لتشيكوسلوفاكيا فَرِحَة، لظنها أنها تلبي حاجة بلاد حبيبها للمساعدة الأممية، ويلتقي المؤلف في ذات الفترة بالطالب اليساري توماس أنكرمان في برلين ضمن ثلاثة آلاف طالب وطالبة احتشدوا للتنديد بالعدوان الأمريكي على فيتنام، كما يسرد الكتاب حكايته لأحداث انهيار الاتحاد السوفيتي وسقوط جدار برلين، والصراع السياسى في سلوفاكيا أو لهاث اقتسام السلطة، بعد سقوط سلطة الحزب الشيوعي في تشيكوسلوفاكيا، وقيام دولتي سلوفاكيا والتشيك، وقد جاء الكتاب في قالب اليوميات متنقلاً عبر مدن أوروبية وسوفيتية مثل كييف/ موسكو/ كولودني/ براغ/ براتيسلافا/ بيشتاني/ برلين/ بون/ متخذاً اسماءها كعناوين لفصول روايته/حكايته، وهي المدن التي جرت فيها حياة/حكاية أولئك الأشخاص الثلاثة، في الفترة من 1968 وحتى 2006 زمان وقوع تلك الأحداث. مؤلف هذا الكتاب يوزيف باناش دبلوماسي وكاتب من سلوفاكيا.


الأحد، 18 أكتوبر 2020

أدوات الحكم في السودان

 اسم الكتاب: أدوات الحكم و الولاية في السودان

المؤلف: محمد إبراهيم أبو سليم

الناشر: دار الجيل بيروت

تاريخ النشر: 1992

عرض: هشام مكي حنفي


* بروفيسور محمد ابراهيم أبو سليم (1927-2004) مؤرخ سوداني وخبير وثائق معروف، وهو أول من تولى إدارة دار الوثائق السودانية، له العديد من المؤلفات المهمة، من أشهرها منشورات الإمام المهدي، وفي هذا الكتاب يتناول أبوسليم الأدوات التي استخدمها الحكام في تاريخ السودان القديم و ما بعده، لقضاء أمور الحكم و الإدارة، أو كرموز دالة على السلطة و السيادة، ويتتبع الكتاب انتقال عدد من هذه الأدوات إلى رجال الدين (أولياء الله) الذين اتخذوا بعضها كرموز دالة على السلطة الروحية والولاية الدينية.


* اعتمدت مادة الكتاب على الوثائق، وهي حقل أبو سليم الأثير، كما اعتمدت على الزيارات الميدانية و مشاهداته وشهادات العديد من الرواة. تحدث المؤلف باستفاضة عن الأدوات التي رصدها كالعصا المشعبة، و الككر، والطاقية أم قرينات، والجبة، والجوخ، والقفطان، والخف، والنحاس، والرايات، والأبواق، وأنواع السيوف المميزة، و استفاض أكثر في عرض تاريخ وحال (النحاسات) وهي الطبول الخاصة بالمملكة أو القبيلة، كونها أهم مظاهر السلطة عند ملوك و سلاطين الممالك، وعند شيوخ و زعماء القبائل، كما تتبع مصائر هذه (النحاسات) بعد قيام الدولة المهدية التي صادرتها من الممالك و القبائل التي وقعت تحت سيطرتها. 


* تناول المؤلف كل من هذه الأدوات بالشرح المفصل، مستعيناً برسوم توضيحية ومبيناً استخدام كل أداة و ما كان منها خاصاً بالملوك و الأولياء، وماهو مشترك مع العامة، وخصص الكاتب القسم الأول لأدوات الجلوس كالككر و العنقريب متتبعاً طريقة صناعة كل منهما وتاريخه و أصل الكلمة في اللغات السودانية. وتناول القسم الثاني اللباس وشمل الخرقة التي هي لباس الصوفية المرقع و منها خرقة الولي أبو دليق و ما يلفت النظر هنا أن (دليق) أو (دلق) هي أصل كلمة دلقان السودانية والتي تعني الخرقة وان الكلمة نوبية كما يبين المؤلف، وهناك خرقة الولي صالح بانقا وغيرهما من شيوخ الصوفية، كذلك شمل الفصل لبس الملوك و الأولياء و قبعاتهم ومنها الطاقية أم قرنين أو أم قرينات والعمامة والشال والكساوي الخاصة. أما القسم الثالث فاستعرض المركوب، الابريق و الركوة، الفروة و السجادة، السبحة، المبخرة، العصا، السوط، الحربة، السيف، البوق، القدح، اللوح، الخيل و السرج، الدرع، الشمسية و الهبَّابة، الختم والخاتم، السكة، الألوان و الرايات.


* وخصص المؤلف القسم الرابع للآلات الإيقاعية و استفاض في ذكر وظائفها وأهميتها الوظيفية والسيادية، وحرص كل من الزعماء والشيوخ الدينيين على اقتنائها و العناية بها وصيانتها من الفقد و التلف، وهي كما حصرها الكتاب الطبل، النوبة، الطار، النحاس، الدلوكة، الدربوكة، الشتم، البنقز، الرق، الجرس، النقارة. واهتم المؤلف بالنحاس بشكل خاص، لما له من أهمية خاصة كونه يمثل الرمز السيادي للملكة أو القبيلة ويرمز لعزتها و كنينونتها الوجودية، فخصص الفصلين الخامس و السادس للحديث عن النحاس، حيث تناول في الخامس (نحاسات) بعض الدول المجاورة للسودان، وعند سلاطين الفونج والفور، ثم علاقة المهدية بالنحاس و استيلاء المهدي و خليفته من بعده على (النحاسات) و الجد في طلبها لتجميعها في أم درمان كرمزية لتجميع كل السلطات في يد قائد الدولة الجديدة. تم تطرق كذلك لتعامل دولة الحكم الثنائي مع (النحاس) واستغلالها لقيمته المعنوية الكبيرة في استمالة بعض الزعماء بمساعدتهم على صيانة (نحاساتهم) أو حتى شراء (نحاسات) جديدة لهم أو نزع (النحاس) من الزعماء الذين يراد معاقبتهم أو ترويضهم. وتناول الفصل السادس (نحاسات) خمس و عشرين قبيلة و إثنية سودانية مفصلاً في تاريخها و النزاعات التي دارت حولها ومصيرها خلال و بعد المهدية و المحفوظ منها الآن و مكانه وإلى غير ذلك من تفاصيل متعلقة بها.


* يشكل الكتاب بحث أنثروبولوجي فريد في حقل من حقول التاريخ و الثقافة المادية السودانية، لم يجد العناية الكافية وما يزال مفتوح للمزيد من البحث، كما أنه يشكل مادة ثرة و ممتعة للباحثين في الشأن السوداني ويساعد على تعميق المعرفة ببعض أوجه التاريخ السوداني و عناصره الحضارية.


الجمعة، 16 أكتوبر 2020

سيرة عمر خيري

 



* عمر خيري (1939-1999) أو جورج إدوارد اسكونككر، كما كان يسمي نفسه، تشكيلي سوداني عظيم الموهبة وصاحب انتاح غزير، يُقدِر مؤلف هذا الكتاب، وفق مقارنة عقدها بين عدد المعارض التي اقامها عمر خيري وعدد اللوحات المفترض عرضها في كل معرض، أنه ربما يكون انتج 750 عملاً، وجاء في مقدمة الكتاب ( قُصد من هذه الدراسة أن توثق لحياة وأعمال الفنان الراحل عمر خيري. ومن جهة التوثيق لحياته، استهدفت الدراسة رسم المسار العام لحياته وتعيين الاحداث المهمة فيها، وابانة المصادر التي يمكن اعتمادها للتوسع في التوثيق لحياته .. ومن جهة التوثيق لأعماله استهدفت الدراسة حصر الاعمال المتوفرة حالياً داخل السودان، وترتيبها وتصنيفها حسب تاريخ انتاجها ومحتوياتها وبعض خصائصها الشكلية والأسلوبية) واشتمل الكتاب على سيرة لعمر خيري نسجها المؤلف معتمداً على ثلاث مقالات كُتبت حوله، وعلى مقابلات قام بها مع بعض من زملاء وأقارب عمر خيري، وعلى مخطوطات له، كما شمل الكتاب مائة لوحة من أعمال عمر خيري، توزعت سيرته بينها الى ثلاثة فصول جاءت على النحو التالي: الفصل الأول: سيرة عمر خيري (مقدمة، السيرة الباكرة، حياته الأسرية والمهنية) وفي الفصل الثاني: آثار عمر خيري المكتوبة (مقدمة، الوقائع الأساسية في حياة جورج إدوارد اسكونككر، نصوص حول فن الرسم) وفي الثالث: أعمال عمر خيري الفنية (مقدمة، الخصائص الفنية لأعمال الفنان عمر خيري) وفي خاتمة الكتاب يكتب المؤلف: (ما ترسمه الصفحات السابقة ليس الا صورة خارجية تتبع الملامح العامة لحياة الفنان عمر خيري، دون أن تغوص في تعقيداتها، أو تتعرض للاسئلة الكثيرة التي تثيرها سيرته. ومن هذه الأسئلة ما يخص التاريخ القريب للثقافة في السودان، مثل صعود مكانة النخبة الوطنية المرتبطة بالدولة الحديثة وفضائها المديني، وظهور ما يُعرف بالمجال العام الذي تبلور فيه نمط جديد من الفاعلية الاجتماعية يعتمد على ثقافة الفرد..) وتستمر الخاتمة في عرض الكثير من الأسئلة من نوع : ما مكانة عمر خيري في تاريخ الفن التشكيلي الحديث في السودان؟ واسئلة اخرى مثل: كيف نفهم اعجاب عمر خيري الصريح بثقافة وتاريخ المجتمعات الاوربية؟ وكيف تأتى لعمر خيري أن يكتسب أسلوبه المميز في الرسم في وقت مبكر من عمره؟ وغيرها من الأسئلة التي لم يجب عليها المؤلف كاتباً (بالطبع لا نطمع في التوصل لإجابات شافية لهذه الاسئلة، كما لا يسمح سياق هذا البحث وحجمه بالشروع في البحث عن اجابات لهذه الاسئلة. ولكن من المؤكد أن إثارة هذه الاسئلة من شأنها ان تضئ لنا الدرب في ما يتعلق بتحليل شخصية عمر خيري ضمن رؤية نقدية لذلك الجيل من الرعيل الأول..) صدر هذا الكتاب في 2008، ضمن مشروع المكتبة التشكيلية لاتحاد التشكيليين السودانيين، على نفقة مجموعة دال.

الخميس، 15 أكتوبر 2020

اللغات السودانية

  


الناشر: مجلس تطوير وترقية اللغات القومية

تاريخ النشر: 2011




عرض: هشام مكي حنفي


* هذا الكتاب من تأليف الأمين أبو منقة وكمال محمد جاه الله، و هو كتيب صغير يقع في 70 صفحة. يتناول اللغات السودانية التي يشير إلى أنها أكثر من مائة لغة، تندرج تحت ثلاث من الأسر اللغوية الأربع التي تُصنف تحتها اللغات المتحدثة في أفريقيا، يستعرض الكتاب تاريخ هذه اللغات وجغرافيا انتشارها والجماعات التي تتحدثها، ويعرفها بوصفها اللغات المستخدمة في السودان، مع ذكر الأصيل منها والمكتسب بعوامل الهجرة والنزوح والتداخل والغلبة وغيرها من عوامل الحراك السكاني. شمل الفصل الأول الفرق بين مفهومي اللغة واللهجة، وأهم ملامح الخريطة اللغوية في السودان، وانتهى بتصنيف اللغات السودانية إلى الأسر الثلاث التي تقع ضمنها وهي الأفرو- آسيوية، والنيلية الصحراوية، والنيجر كردفانية. أما الفصل الثاني فهو مخصص للغة العربية في السودان، تاريخها ولهجاتها وعوامل نشأتها، ثم اللهجة العامية السودانية لينتهى بما أسماه الكاتبان، مدخل إلى السياسات اللغوية في السودان، الذي استعرضا فيه السياسات الرسمية تجاه اللغات في العهود المختلفة ابتداءً بالاستعمار الثنائي، مروراً بكل العهود الوطنية مع التركيز على فترة الإنقاذ. أما الفصل الثالث فقد تناول المناطق اللغوية في السودان والأوضاع اللغوية في كل منطقة منوهاً بوضع اللغات ومشيراً للغات المهددة بالانقراض والعوامل المؤدية لذلك. يمثل الكتاب إضافة مهمة من باحثين مختصين في مجال حيوي وذو ارتباط وثيق بما يدور الآن في المجتمع السوداني، من نقاش حول قضايا السلام و المساواة و التهميش، كما يرتبط بالمعرفة الضرورية واللازمة للانطلاق نحو التعرف على ثقافاتنا و جذور هويتنا. مؤلفا الكتاب بروفيسور الأمين أبو منقة و بروفيسور كمال محمد جاه الله أكاديميان سودانيان مختصان في اللغات الأفريقية.


الاثنين، 12 أكتوبر 2020

الطليعي الأسود

 

الناشر: دار المصورات للنشر والطباعة والتوزيع-الخرطوم

تاريخ النشر: 2020



* أشارت أكثر من مُراجعة لتلك العلاقة بين (الطليعي الأسود) التي نُشرت في الإنجليزية في خمسينات القرن الماضي، وبين (موسم الهجرة إلى الشمال) لجهة موضوعهما المشترك حول العلاقة بين الشرق والغرب، أو بين السودانيين والإنجليز، وقد استطاع الطيب صالح وبواسطة ذلك البناء/المعمار السردي المبدع، الذي تتجلَّى أبرز خطوطه في تلك الانتقالات الرشيقة والمقابلات الموحية، بين مصطفى سعيد والرواي وبين الخرطوم ولندن، أو بين شمال السودان وشمال الكوكب، استطاع أن يمتلك وجهة السرد ويعكس زواية النظر، إذ استبطنت رواية إدوارد عطية نظرة للسودان، أنه بلداً تابعاً ولايمكن لأبناءه وبناته أن يكونوا أنداداً للإنجليز أو للبيض، بيد أنه يمكن النظر لـ(الطليعي الأسود) التي جاء خيطها الرئيسي حول شابين سودانيين كانا أول من درس في أكسفورد، وقد تزوج أحدهم من زميلته الإنجليزية، وعاد ثلاثتهم إلى السودان في فترة عاصفة بالأحداث، يمكن النظر لها كوثيقة/رواية نظرت في العلاقة بين السودانيين والإنجليز حُكاماً ومواطنيين، ونظرت في العلاقة بين الرجل والمرأة وبين النخبة وعموم الشعب، وقد جاء في غلاف الرواية الأخير أنها (دراما تاريخية عن الاختلاف والتقاطع، وعن التصالح والتعايش بين الثقافة والتقاليد السودانية والثقافة الإنجليزية وقيمها وتقاليدها وخاصة تأثيرات الأخيرة على النخبة السودانية-طلائع التحديث..) إدوارد سليم عطية (1903-1964) مؤلف هذه الرواية كاتب وناشط سياسي لبناني/بريطاني، عاش ردحاً من طفولته في السودان، ثم تابع دراسته بكلية فيكتوريا في الاسكندرية وفي جامعة أكسفورد، وعاد ليعمل مدرساً في كلية غردون التذكارية في الخرطوم، ثم مترجماً وضابطاً للعلاقات العامة في مكتب المخابرات في السودان.