الأحد، 18 أكتوبر 2020

أدوات الحكم في السودان

 اسم الكتاب: أدوات الحكم و الولاية في السودان

المؤلف: محمد إبراهيم أبو سليم

الناشر: دار الجيل بيروت

تاريخ النشر: 1992

عرض: هشام مكي حنفي


* بروفيسور محمد ابراهيم أبو سليم (1927-2004) مؤرخ سوداني وخبير وثائق معروف، وهو أول من تولى إدارة دار الوثائق السودانية، له العديد من المؤلفات المهمة، من أشهرها منشورات الإمام المهدي، وفي هذا الكتاب يتناول أبوسليم الأدوات التي استخدمها الحكام في تاريخ السودان القديم و ما بعده، لقضاء أمور الحكم و الإدارة، أو كرموز دالة على السلطة و السيادة، ويتتبع الكتاب انتقال عدد من هذه الأدوات إلى رجال الدين (أولياء الله) الذين اتخذوا بعضها كرموز دالة على السلطة الروحية والولاية الدينية.


* اعتمدت مادة الكتاب على الوثائق، وهي حقل أبو سليم الأثير، كما اعتمدت على الزيارات الميدانية و مشاهداته وشهادات العديد من الرواة. تحدث المؤلف باستفاضة عن الأدوات التي رصدها كالعصا المشعبة، و الككر، والطاقية أم قرينات، والجبة، والجوخ، والقفطان، والخف، والنحاس، والرايات، والأبواق، وأنواع السيوف المميزة، و استفاض أكثر في عرض تاريخ وحال (النحاسات) وهي الطبول الخاصة بالمملكة أو القبيلة، كونها أهم مظاهر السلطة عند ملوك و سلاطين الممالك، وعند شيوخ و زعماء القبائل، كما تتبع مصائر هذه (النحاسات) بعد قيام الدولة المهدية التي صادرتها من الممالك و القبائل التي وقعت تحت سيطرتها. 


* تناول المؤلف كل من هذه الأدوات بالشرح المفصل، مستعيناً برسوم توضيحية ومبيناً استخدام كل أداة و ما كان منها خاصاً بالملوك و الأولياء، وماهو مشترك مع العامة، وخصص الكاتب القسم الأول لأدوات الجلوس كالككر و العنقريب متتبعاً طريقة صناعة كل منهما وتاريخه و أصل الكلمة في اللغات السودانية. وتناول القسم الثاني اللباس وشمل الخرقة التي هي لباس الصوفية المرقع و منها خرقة الولي أبو دليق و ما يلفت النظر هنا أن (دليق) أو (دلق) هي أصل كلمة دلقان السودانية والتي تعني الخرقة وان الكلمة نوبية كما يبين المؤلف، وهناك خرقة الولي صالح بانقا وغيرهما من شيوخ الصوفية، كذلك شمل الفصل لبس الملوك و الأولياء و قبعاتهم ومنها الطاقية أم قرنين أو أم قرينات والعمامة والشال والكساوي الخاصة. أما القسم الثالث فاستعرض المركوب، الابريق و الركوة، الفروة و السجادة، السبحة، المبخرة، العصا، السوط، الحربة، السيف، البوق، القدح، اللوح، الخيل و السرج، الدرع، الشمسية و الهبَّابة، الختم والخاتم، السكة، الألوان و الرايات.


* وخصص المؤلف القسم الرابع للآلات الإيقاعية و استفاض في ذكر وظائفها وأهميتها الوظيفية والسيادية، وحرص كل من الزعماء والشيوخ الدينيين على اقتنائها و العناية بها وصيانتها من الفقد و التلف، وهي كما حصرها الكتاب الطبل، النوبة، الطار، النحاس، الدلوكة، الدربوكة، الشتم، البنقز، الرق، الجرس، النقارة. واهتم المؤلف بالنحاس بشكل خاص، لما له من أهمية خاصة كونه يمثل الرمز السيادي للملكة أو القبيلة ويرمز لعزتها و كنينونتها الوجودية، فخصص الفصلين الخامس و السادس للحديث عن النحاس، حيث تناول في الخامس (نحاسات) بعض الدول المجاورة للسودان، وعند سلاطين الفونج والفور، ثم علاقة المهدية بالنحاس و استيلاء المهدي و خليفته من بعده على (النحاسات) و الجد في طلبها لتجميعها في أم درمان كرمزية لتجميع كل السلطات في يد قائد الدولة الجديدة. تم تطرق كذلك لتعامل دولة الحكم الثنائي مع (النحاس) واستغلالها لقيمته المعنوية الكبيرة في استمالة بعض الزعماء بمساعدتهم على صيانة (نحاساتهم) أو حتى شراء (نحاسات) جديدة لهم أو نزع (النحاس) من الزعماء الذين يراد معاقبتهم أو ترويضهم. وتناول الفصل السادس (نحاسات) خمس و عشرين قبيلة و إثنية سودانية مفصلاً في تاريخها و النزاعات التي دارت حولها ومصيرها خلال و بعد المهدية و المحفوظ منها الآن و مكانه وإلى غير ذلك من تفاصيل متعلقة بها.


* يشكل الكتاب بحث أنثروبولوجي فريد في حقل من حقول التاريخ و الثقافة المادية السودانية، لم يجد العناية الكافية وما يزال مفتوح للمزيد من البحث، كما أنه يشكل مادة ثرة و ممتعة للباحثين في الشأن السوداني ويساعد على تعميق المعرفة ببعض أوجه التاريخ السوداني و عناصره الحضارية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق