الخميس، 18 يوليو 2019

من حقيبة الذكريات




الناشر: وقف عبد الله الطيب للنشر والتوزيع

الطبعة الثالثة: 2015




* الدكتور عبد الله الطيب (1921- 2003) أحد أبرز أعلام الثقافة والنقد في السودان، وفي ذكرياته هذه نُطالِع أسباب/دعائم هذا البروز الذي تحقق له، وقد نقل الكثير عن حياته منذ المرحلة الإبتدائية مروراً بالمتوسطة، ثم قبوله بمنحة مجانية، بسبب نبوغه، في التجهيزي/كلية غردون التذكارية، التي أصبحت فيما بعد جامعة الخرطوم، وبطريقته الفذة، التي يعرفها كثيرون في الاستطراد، جال المؤلف، فيما يشبه مسحاً أنثربولوجياً، ناقلاً بعضاً عن حياة السودانيين في الشمال، في الفترة من ثلاثينات القرن الماضي حتى منتصفه، لكن الكتاب تَركَّز أكثر على سنوات تعليمه، مقارناً بين المدرسة والخَلْوَة وطريقة التعليم فيهما، مُفضلاً طرق الأولى المتواترة والقديمة في التعليم، خاصة في علوم الدين واللغة العربية، وتَحدَّث المؤلف عن مُعلِميه في مراحل تعليمه المختلفة، ناقداً طرق بعضهم في التدريس خاصة من السودانيين، كما أشار كثيراً لروح من التنافس، تصل إلى حد الحسد والبغضاء، كانت متفشية بين الطلاب، وأخَبَّر أيضاً عن نغمته على أساليب العقاب المهينة التي كانت تُتَّبع في المدارس، وقد استمرت هذه الأساليب حتى سنواته الأولى في كلية غردون، قائلاً إن إتِّباعها لم يكن غرضه شيئاً غير كسر أنَفة الطالب. وكانت الطبعة الأولى لهذا الكتاب صدرت في 1983 عن دار جامعة الخرطوم للنشر.

الأربعاء، 17 يوليو 2019

الأمير الصغير






*  أنطوان دو سانت إكزوبيري (1900-1944) شاعر وكاتب فرنسي، كان يعمل قائداً لطائرات البريد، ألف مجموعة من الكتب نالت رواجاً في كأفة أرجاء العالم لم ينقطع إلى يومنا هذا، لما تتسم به كتابته من بساطة وعمق تكاد دلالاته لاتنتهي، كبريد الجنوب وسيرة رحلاته (أرض البشر) وقصته هذه، التي يعتذر فيها للأطفال عن إهدائه لها لصديقه الكبير في السن الذي كان ذات يوم طفل، وفي القصة يقول الراوي إنه عندما كان في السادسة من عمره عَرَضَ على رجال بالغين رَسْمه وسألهم: هل تخيفكم لوحتي؟! تعجب الرجال وسألوه: ولماذا تخيفنا صورة قبعة؟! فأعاد رسم المظهر الداخلي للأفعى التي ابتعلت فيلاً، لأنه عرف إن الكبار يحتاجون للشرح لكي يفهموا الرسم، واتجه بعد أن ترك الرسم، مُتَّبعاً نصيحتهم، للاهتمام بأشياء أخرى كالتاريخ والحساب والجغرافيا ودراسة اللغة، واصبح عندما يُقابل أحداً يبدو ذكياً، وهو نادراً مايلتقي أحداً، كان يتحدث معه عن البريدج والغولف والسياسة وربطات العنق، ولايتحدث معه مطلقاً عن الأفاعي أو الغابات العذراء أو النجوم، فيسعَد ذلك الذكي بلقاءه رجلاً عاقلاً، لكنه يقول إن الجغرافيا ساعدته كثيراً عندما امتهن قيادة الطائرات، في التمييز من أول نظرة بين الصين والأريزونا، وذلك أمراً مفيداً إذا ما تاه المرء في الليل، وفي يوم أصاب طائرته عطل فهبط في الصحراء، وكانت أقرب نقطة مأهولة بالسكان تبعد عنه مسافة ألف ميل، فنام ليلته تلك وحيداً على رمل الصحراء، حتى أيقظه في الصباح صوت طفل، قادم من زيارة كواكب أخرى لزيارة كوكب الأرض، يطلب منه أن يرسم له خروفاً، فارتبك قليلاً وهو الذي كان الكبار قد ثبّطوا من عزمه في السادسة من عمره عن امتهان الرسم.

الأحد، 14 يوليو 2019

السودان ومصر


الناشر: مركز محمد عمر بشير للدراسات السودانية
تاريخ النشر: 2006




* في الـ25 من أبريل الماضي وقف ثُواراً سودانيون أمام مقر السفارة المصرية في الخرطوم منددين بالتدخل المصري في الشأن السوداني، وقبل 34 عاماً إبان إنتفاضة مارس/أبريل 1985 كان ثواراً سودانيون قد وقفوا ذات الموقف أمام السفارة المصرية في الخرطوم، وقبل 62 عاماً، في الديمقراطية الأولى (1956-1958) توقفت مفاوضات السودان ومصر  سنة 1957 حول ترحيل أهالي وادي حلفا بعد بناء السد العالي، لتستأنف ببنود أكثر تنازلاً في 1959 بعد إنقلاب إبراهيم عبود، وإضافةً لكل ذلك يورد هذا الكتاب الكثير من مثل هذه المواقف والحوداث، التي تُشير بوضوح إلى أن مصر لاترغب في أن ينعم السودان بنظام ديمقراطي، وحده القادر على تحقيق تطلعات السودانيين وبناء وحدة السودان الوطنية، فهي ترى، أي مصر، أن السودان الديكتاتوري/الشمولي، المُرتَهن دائما والضعيف أمام التدخل الأجنبي، يحقق مصالحها ويؤمن عمقها الجنوبي الإستراتيجي أكثر من السودان الديمقراطي الند والقوي، ضاربة بمصالح السودان والسودانيين الإستراتيجية عرض الحائط، بالرغم من الحديث المتكرر عن خصوصية العلاقة بين البلدين، في هذا الكتاب يتحدث المؤلف عن خلل هذه العلاقة، من واقع معرفته بمصر وخبرته الدبلوماسية الطويلة فيها، وقد تلقى دراسته الجامعية بها في خمسينات القرن الماضي، وعمل خلال مشواره الدبلوماسي الطويل مرتين بالقاهرة، مرة في الديمقراطية الثانية (1964-1969) والمرة الأخرى في فترة الديمقراطية الثالثة (1985-1989) مُشيراً للعوائق، المصرية والسودانية، التي تقف في طريق هذه العلاقة، كما قدم رؤيته المستقبلية الشاملة للكثير من المقترحات في سبيل تطويرها، إيماناً منه بأهمية هذه العلاقة للبلدين وحاجة كل منهما للآخر.

الخميس، 11 يوليو 2019

علاقات الرق


الناشر: دار الثقافة الجديدة-القاهرة
تاريخ النشر: 1995




* علاقات الرق واحدة من الممارسات المُشينة التي وقعت في هذا العالم، ولاتزال مُخَلَّفاتها تُسمم علاقات الكثير من البشر، وقد كان لبلادنا نصيبها غير القليل من هذه المُخَلَّفات، إذ وُجِدّت علاقات الرق والاسترقاق، كما سنقرأ في هذا الكتاب، في كأفة أرجاء السودان، ليطال العار المُسترَقين ومُلاك الرقيق على حد سواء، ولاسبيل لنا اليوم، نحن أحفادهما، سوى التحديق في نار هذه الحقيقة ومواجهتها حتى نَصْرَع (مُخلفات الماضي في العنجهية وفي مركب النقص، في المباهاة بالحسب وفي الحقد والانتقام المؤجل، في النسيان المُخدِر المُريح والذاكرة القلقة الواخزة، في الاستعلاء وفي الاحتقار المكتوم، في الوقار المنافق وفي الاستهتار الصّلِف، في الثقة الزائفة وفي الشك المرتاب) كما يقول محمد إبراهيم نقد (1930-2012 ) الذي يرى أو يفترض إن علاقات الرق مع علاقات الأرض/ الفكر الصوفي والطرق الصوفية/ الكيانات الإثنية والتكوينات الإجتماعية ونسق المعتقدات للقبائل النيلية وعلاقة النسق بمعتقد التوحيد، يراها هي المؤسسات أو العوامل الأربعة المُهمة التي ساهمت في سودان 1500- 1900 عصر التَشكُل والتكوين، وقد جَمَعَ الكتاب مُجمل الوثائق المتوفرة والمتعلقة بعلاقات الرق في المجتمع السوداني، منذ ممالك السودان المسيحية مروراً بسلطنات الفونج ودارفور ثم فترة المهدية وحكم المستعمرين الإنجليز، مع تعليق المؤلف الفاحص على هذه الوثائق، وإذا غابت فترة حكم التركية من الكتاب، بالرغم من أنها الفترة التي تُمثل ذروة نشاط تجارة الرقيق التي كانت في السودان، فذلك لأن أكثر وثائق هذه الفترة مُحتجزة في مصر ويُمنع الإطلاع عليها، رغم أنها وثائق تتعلق بوقائع وقعت في السودان، كما يقول المؤلف الذي يتساءل ساخراً عن أسباب هذا المنع: أهو أمني؟ أم هو سياسي؟ أم للصيانة والجرد السنوي! وقد اشتمل الكتاب على أكثر من مائة وثيقة، جاءت عقب تعليق/بحث المؤلف، لتحتل أكثر من نصف الكتاب.

الأربعاء، 10 يوليو 2019

تنهيدة المغربي الأخيرة


الناشر:  دار التكوين للتأليف والترجمة والنشر
تاريخ النشر: 2016




* تنهيدة المغربي الأخيرة اسم للوحتين، جاءت الأولى حول مغادرة سلطان غرناطة الأخير لقصر الحمراء في الأندلس، وجاءت الثانية التي قامت برسمها أورورا داغاما بمثابة اتحاد لروحَّيهما هي وإبنها موريس الزغبي، ذي العمر المُتضَاعِف الذي كانت حياته تتسارع ليبدو وهو في الخامسة والثلاثين وكأنه في السبعين من عمره، إذ لم يبقَّ في بطن أمه سوى أربعة اشهر ونصف، وهو الذي يتولى في الرواية سرد حكايته وحكاية اسرته المُنقسِمة والمُحطَّمة ذات الأصول المتنوعة، والتي كانت تعمل في تجارة التوابل، يحكي موريس عائداً لجده فرانسيسكو داغاما وزوجته إبيفانيا وولديهما إيرس وكامونز وزوجتيهما كارمن وإيزابيلا جدته التي ماتت مبكراً، لتنشأ أورورا طفلة متمردة وكارهة لجدتها وعمها وزوجته، فتُنفِس عن غضبها في العبث بمقتنيات المنزل، وفي عرض هواجسها ورؤاها في الرسم المُعَرِّض والفاضح لأسرار أسرة داغاما، وتلتقي وهي في الثامنة عشرة من عمرها بإبراهام الزغبي ذي الستة والثلاثين عاماً، المُنحدر من أسرة يهودية انتقلت إلى الهند بعد سقوط غرناطة، فتتزوجه رغم معارضة أسرتها، ويقوم هذا الزوج بتولي أعمال الأسرة وتطويرها متجاوزاً تجارة التوابل، ليعمل في كل شيء مماهو مشروع وغير مشروع من الأعمال، وتتفرغ أورورا لهوايتها وتصبح واحدة من العلامات البارزة في فن الرسم، ويلتف حولها المريدون وجامعو اللوحات وهواة الفن، وتصادق الكثير من الرجال والنساء في عالم الصحافة والسياسة، ونقرأ نحن من خلال الرواية أو من خلال تاريخ هذه الأسرة، مايمكن وصفه بالمعادل الموضوعي لكثير من أحداث الهند في مائة عام القرن العشرين، عبر تأثير جبروت أسرة رأسمالية، لنرى كيف يمكن أن يُشكل الفساد قوة مُهلِكة تكاد لاتُهزم ولاينجو منها أحد، ويصبح التشبيه أو الوصف المتوهج لماهية قوة الفساد كإله، الذي قال به الرسام فاسكو ميراندا أحد شخصيات الرواية، أقل مما هي عليه قوة الفساد في الواقع، كما يقول الراوي موريس المغربي الإبن المُتوجِع والأخير المتبقي من أسرة فرانسيسكو داغاما.

الثلاثاء، 9 يوليو 2019

فاوست


الناشر: دار المدى للإعلام والثقافة والفنون
الطبعة الثالثة: 2014





* الدكتور فاوست أو المعلم جيورجيوس سابليكوس شخصية حقيقية وجدت في ألمانيا في أواخر القرن الخامس عشر، درس اللاهوت وتعلم فنون السحر ونُسجت حول حياته كمُهرطِق وساحر الكثير من القصص، وصلت إلى حد المبالغات، ليتحول فيما بعد إلى أسطورة ترمز للرجل الذي باع روحه للشيطان، وقد تناولت حياته عدة كتب ومجموعة أعمال إبداعية، نظرت إليه بحسب معتقداتها الدينية وتياراتها الفكرية، لينتشر صيته في سائر دول أوروبا، وفي هذه المسرحية مُستفيداً من كل ذلك التراث، يقذف يوهان فولفغانغ جوته (1749-1832) بفاوست في لجة حياة ملؤها الصراع والتوق للمستحيل، تجيء بين الأرض والسماء، وأبطالها قوى بشرية ومخلوقات أسطورية وظواهر طبيعية، وبرفقة مفستوفليس/الشيطان، بعد عقده لميثاق الدم القاضي بتنفيذ كل مايطلبه الشيطان مقابل أن يمتلك روحه، يأتي فاوست بأفعال عظيمة يفوق أثرها تلك التي يُحرِّض عليها الشيطان، مثلاً، في الثقافة الإسلامية الشعبية، كأن يتدخل في مصائر ممالك ويُقدِّم عملات نقدية زائفة، في حفل مسحور، لحل أزمة الامبراطور مع دائنيه ورعاياه، ويشترك معه في حرب ضد آخر، فيقطِعه الامبراطور بعد كسبه الحرب أرضاً تحت البحر، يصير ملكاً عليها وقد عَمَّرها بمعونة عمال الجن، وفي المسرحية يكون فاوست نداً لمفستوفليس/الشيطان، بل ويفوقه بقوة روحه واستعداده غير المحدود للمغامرة، وفي دراسته/مقدمته لهذه الترجمة يقول عبد الرحمن بدوي (1917-2002) من حُسن طالع جوته أنه ليس عربياً، وإلا لكان صِيحَ في وجهه سارق! سارق! وكانت عُدّت تحفته (فاوست) سرقة! لأن هيكل المسرحية وفصولاً كثيرة ومشاهد عديدة، لها مايناظرها في كتب لمؤلفين سابقين، لكن العبرة كما يقول، ليست في التشابه، بل في ذلك التوليف والتركيب ومااُودِع فيه من معاني وأفكار، أكدت سر عظمة جوته والمكانة العالية التي تحتلها مسرحيته فاوست.