الثلاثاء، 12 مايو 2015

في ساعة العلامات



اسم الرواية: في ساعة العلامات

المؤلف: جمال محجوب
المترجمة: راشدة رجب
المراجع: يسري إبراهيم
الناشر: المركز القومي للترجمة-القاهرة
سنة النشر: 2013





عرض: أسامة عباس



* عقب إندلاع انتفاضات العالم العربي في 2010 قامت صحيفة التليجراف الإنجليزية باختيار ثماني روايات رأتها تُسلط الضوء، أو تكشف عما يحدث في مجتمعات الشرق الأوسط الثائرة، وضمن تلك الاختيارات كانت رواية (في ساعة العلامات) وبالطبع أرادت الصحيفة باختياراتها هذه، أن تُقرب لقراءها صورة ذلك العالم الذي اندلعت فيه الانتفاضات، واليوم لم تخمد هذه الانتفاضات أو يتوقف تصاعُد أحداثها وتداعياتها المُزلزلة، كما أن الرواية، التي صدرت أصلا في اللغة الإنجليزية قبل عشرين عاما، تُرجمت قبل عامين إلي اللغة العربية، فما الذي تدورحوله الرواية، أو بالاحرى ما الذي تكشف عنه (في ساعة العلامات) وقد مر اليوم ما يقترب من القرن ونصف على تلك الأحداث التي جاءت حولها الرواية.


* تجئ الرواية في العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر، منذ أن أعلن المهدي مهديته/الثورة ضد الاتراك الحاكمين يومها للسودان، إلى أن انهارت دولة المهدية في سنة 1899 لكن القارئ يمكن أن يمتد بالزمن إلى الأمَام مائة عام أخرى، ففي الفصل الأخير يتم شنق (حاوي) أحد شخصيات الرواية الرئيسية، وهي حادثة تحيل إلى ما حدث في منتصف ثمانينات القرن العشرين، عندما أعدم جعفر محمد نميري المفكر الاسلامي محمود محمد طه، فالإثنان حاوي وطه، يتمتعان بذات السلوك الصبر والزهد والحكمة ويرددان نفس الأقوال، لكن الشبه بين الزمانين، الماضي والحاضر، لايقتصر على ذلك، فالعلامات تبزغ من خلال الأحداث وحياة الناس وفي أقوال الشخصيات الرئيسية، على امتداد الرواية.  


* نقرأ من مفتتح الرواية (كان الغبار يهب بقوة في السهل الجاف العظمي كورقة تلتف من العالم الخلفي. رجل يسير وحيداً. في المدن والقرى التي تتلوى خلفه ...) إنه عبد الله التعايشي هائما يبحث عن إجابات لما يدور في رأسه، فسمع بالرجل : (سيدي مكتوب في أحلامي أنك المنتظر) ومثله حاوي ذو الذهن المتقد الذي ترك مجالس الدرس وطفق يجول ويبحث في البلدان، ثم عاد يوماً في أسمال بالية يطرق باب صديقه القديم يسأله عن مَنْ يسمي نفسه بالمهدي، ليُصقَع صديقه رجل الدين ويجيب سائلا: أأتيت بعد كل هذه السنوات لأجل هذا المحتال؟!. إلا أن الفرق بين الباحثيين كبير، فالتعايشي تبدل حاله وأصبح حاكماً إلى أن قتله أعدائه الانجلير، أما حاوي الهاجس بصلاح الدين والدنيا، صار ناصحاً للحكام وقاضياً في شئون العباد، إلي أن مات مشنوقاً بين أهله بتهمة الزندقة.


* جموع من الفقراء/المؤمنيين تزحف في الصحراء لتلحق بالمهدي في الأبيض وفي أمدرمان، فقراء لم ينقص فقرهم في زمان الأتراك ولا بعد تحرير الخرطوم، وانتقال زمام الحكم إلى المهدي، وخليفته من بعده عبدالله التعايشي، فقراء يخوضون الحرب، في جهة الشرق والشمال، بايمانهم ولنصرة الدين بلا زاد أو عتاد، لكن الحرب، كما يقول الكدرو أحد شخصيات الرواية، كانت بين الأمس والغد، بعد أن شاهد 
آليات الجيش الانجليزي في وادي حلفا لبناء خط السكة الحديد. وفي أمدرمان كان الشيخ حاوي ينتظر معركة كرري في ترقب وخوف، لأنها كانت فرصة، ليس لطرد الانجليز وليس لأن المهدي قال ذلك، بل فرصة لأهله: هل سيتعلمون كيف يستمعون إلى بعضهم البعض، كيف يمكنهم تحقيق العدل، كيف يحكمون أرضا واسعة كهذه، وهم يحتاجون إلى الوقت.

* جاء في نهاية الكتاب/الرواية مسرد حوى عدداً من الكلمات التي أعتبرت غريبة، مثل عنقريب وجِبَّة وقُرّاصة وراكُوبة وغيرها من الكلمات، لكن مايثير الاستغراب ليس وجود المسرد، بل الأخطاء التي صاحبت كتابة بعض كلماته، ولم تقتصر هذه الأخطاء علي ذلك وحسب، إذ شملت معظم أسماء الأعلام والشخصيات والمناطق التي وردت بالرواية، مثل شيكان وكرري والقلابات وشمبات ولبب مسقط رأس المهدي وأسماء عبدالله التعايشي والأميرين علي ود حلو ومحمد عثمان أبو قرجة وغير ذلك كثير، وهو ما كان يمكن حله بسهولة، عبر الاستعانة بأياً مِن مَنْ يعلم بهذه الأعلام، مصريا كان أم سودانيا! ولكن لابأس.. فنحن أنفسنا لم نستطع أن نُوجِد في السودان مؤسسة ثقافية تضطلع بمثل هذه المهمة الجليلة، التي يضطلع بها (المركز القومي للترجمة) في القاهرة، كنشره واصداره، كمثال، لهذه الرواية.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق