الخميس، 13 أغسطس 2015

الذاتية في العمل الصحافي





اسم الكتاب: تجليات الذاتية في العمل الصحافي

أحد عشر درساً حول دور الأفراد في إنتاج الخبر
المؤلف: سيريل لوميو
المترجم: عز الدين الخطابي
الناشر: المنظمة العربية للترجمة - بيروت
سنة النشر: 2015




عرض: أسامة عباس


* يحصر هذا الكتاب نقاشه أو يُسلط نظرته، بواسطة باحثين اجتماعيين، على الصحافي/ة ووسائط الاعلام في فرنسا، عبر حالات/ نماذج مُتعينة منذ أواسط القرن التاسع عشر وحتى يومنا هذا. لكن الكتاب برغم هذا الحصر يكشف، 
حول مسائل الذاتية والحرية واختيار مهنة الصحافة والابتكار فيها، الكثير مما يمكن تعميمه على كأفة الوسائط الاعلامية، وذلك من خلال قسميه (مجالات المناورة/ حب المهنة) اللذين ضما 11 فصلا قدمها 11باحثا وباحثة، عن صحافيين وصحافيات ووكالات أخبار وقنوات تلفزة وشبكات انترنت، ولم يعتمد هؤلاء الباحثون، أيا من الأطروحتين القائلتين: بـ إما الخضوع التام أو الحرية الكاملة، للصحافي/ة في المؤسسات الإعلامية، لأنهما كما يرون ليست واقعيتين ولا تُبرِزان ما يحدث بالفعل في صالات التحرير. 

* لا تتمثل الإكراهات التي يواجها النشاط الصحفي/المهني في الامتثال لما يريده أصحاب المؤسسة فحسب أو رئيس التحرير الموجود غالبا تحت اشرافهم، فهناك إكراهات أخرى يبحث فيها الكتاب، كاشتراك مهنيين ذوي تخصصات مختلفة، منهم مديري أعمال لاعلاقة لهم بالصحافة ومسوقين اعلانيين، يساهم كل منهم بجزئية في المنتج الاعلامي، ثم في اضطرار الصحافي/ة للعمل وفق الزمن المحدد لتسليم المادة ووفق الحجم المحدد سلفا لمقياس المادة حتى لو اقتضى الامر تقليص حجم المادة لتناسب ذلك المقياس. أما الاستقلالية فيتحدث عنها مؤلفو الكتاب، في ذلك المستوى الصراعي/ التفاوضي بين المؤسسة والصحافي/ة ثم بين المصادر والجمهور، إذ لا يمكن النظر الى الاستقلالية من خلال ذلك التعارض البات بين الفرد والمؤسسة المنتجة.


*  يقدم الكتاب تجربة موقع ميدبار الاخباري الالكتروني، في فرنسا، الذي تأسس في عام 2008 للإفلات من قبضة المؤسسة ورأس المال بواسطة أربعة صحفيين بينهم إيدوي بلينيل رئيس تحرير جريدة لوموند السابق وصاحب كتاب من أجل المسلمين، يقدمها كنموذج جديد للصحافة بعد انتشار الانترنت. إذ يتيح الموقع لقرائه الفرصة ليكونوا شركاء ومؤلفين في انتاج الخبر الذي يباع لهم، فالموقع يعتمد فقط على مايدفعه مشتركيه من مال، مع تغيير كامل في حسابات مقياس الزمن وحجم المادة، فلا يلاحق الموقع أي خبر، بل يتابع عددا قليلا من الأخبار المُختارة يعمل عليها خلال اليوم، مع اشتغال المحررين في أكثر من عمل من حيث التحرير والتقنية الرقمية، الشئ الذي يرفع مستوى الاستقلالية والقدرة الابداعية، كما يعطي الشعور بامتلاك عملية الانتاج. 


* وفي الفصل المخصص لجان هيبوليت دو فيلميسان صاحب جريدة لوفيغارو الفرنسية، يرى الباحث أنه كان ينظر كتاجر للصحف التي أنشئها، أي باعتبارها منتوجات يجب العناية بشكلها وليس بمضمونها كي ترضي الزبون. وقد جاء فيلميسان أصلا، كما نقرأ في هذا الفصل، إلى عالم الصحافة بالصدفة بسبب صداقته لأحد المتعاونين بالصحافة، بعد تجارب تجارية عديدة فاشلة. ليقول الباحث إن هذا التصور التجاري أو الرهان العملي لفيلميسان ولأخرين، يمثل تغييرا في التحديد الادبي للصحافة، ليصير الصحافي/ة في هذا التصور، ليس مطالبا بالتفكير ككاتب يحمل رسالة تنوير الرأي العام، بل بكونه مجرد متعاون في مقاولة ذات هدف تجاري.


* ويتناول فصل (حفاظ المرء على مهنته كصحافي...) مسيرة حياة صحافي وجد نفسه مضطراً لتقديم استقالته من الجريدة التي عمل بها لأكثر من ثلاثة عقود، بعد تبدل ادارتها وتغير نظرتهم للعمل الصحافي. وذلك من خلال تسليط الضوء علي الطريقة التي كافح بها هذا الصحافي لممارسة مهنته كصحافي وانشائه لموقع الكتروني.. ليختم الكتاب قوله بانه أراد من خلال تلك البحوث الأحد عشر التي قدمها انه يمكن تحليل ظواهر مثل الشخصية والابتكار وحرية الاختيار بوصفها ظواهر اجتماعية.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق