الخميس، 8 فبراير 2018

البارون ساكن الأشجار



الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب
تاريخ النشر: 2016




*  بدأ الأمر حينما رفض كوزيمو تناول طبق الحلزون وغادر البيت ليصعد ويجلس فوق تلك الشجرة الموجودة في الحديقة، كان في الثانية عشرة من عمره عندما أعلن تمرده ذلك، ولم يكن أحدا يظن أن بقاءه فوق شجرة البلوط سوف يستمر، لكنه استمر وطال وصار في مقدوره أن يتنقل من شجرة إلى أخرى، على كامل مساحة أمبروزا وماجاورها من بلدات حتى حدود البحر، دون أن تلمس قدميه الأرض مطلقا، وهكذا بدأت حياته الجديدة تسير، في الأعلى يتلقى الدروس، في حين يجلس معلمه الأب فلوشيلافور على مقعد في الأرض لتعليمه اللغة اللاتينية، ثم صعد أخيرا ليجلس بصحبة تلميذه فوق الأشجار، وبمرور الوقت أصبح كوزيمو يتلقى التقدير والأحترام من أهالي أمبروزا، رغم غرابة سكناه، باعتباره ابنا لبارون يتطلع ليكون دوقا لأمبروزا، وأيضا لما كان يقدمه من منافع وخدمات بحكم خبراته الجديدة التي كونها كمراقب للأرض من الأعلى، بالرغم من أنه كان نافرا من العيش بين البشر، إلا أنه كما يصفه شقيقه الذي يمسك بزمام الحكاية في هذه الرواية، كان يغرق نفسه باصرار في تجريب كل ماهو جديد في الحياة الإنسانية لعصره، وقد اشترك في الكثير من الجمعيات السرية، وطلب مرة، إذ كان كثيرا مايخطب في أهالي أمبروزا، أن يكتبوا مايؤلمهم في كراسة، أسوة بما تم في فرنسا إبان الثورة، فإمتلات الكراسة بما أحزنه، فطلب منهم أن يكتبوا مايعجبهم، وقام بتسمية مادونوه ب "كراسة الشكوى والرضا" لكن الأمطار جاءت ومسحت ماكتبوه، فخيم الحزن على الأهالي وسيطرت عليهم الرغبة في الثورة، إلا أن بلدهم لم تكن فرنسا رغم وجود كل أسباب الثورة الفرنسية، كما يقول شقيقه الأصغر، الذي طلب من كوزيمو أن يعود للبيت وقد بلغ من العمر 75عاما وفعل ماقال أنه سيفعله، لكن كوزيمو رفض، غير أنه انتقل إلى شجرة بالقرب من البيت في أيامه الأخيرة، وفي لحظة احتضاره صادف مرور منطاد بالقرب من شجرته فتعلق بحبله، ليختفي هكذا دون جثة يمكن أن تعود إلى الأرض.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق