الأحد، 26 أكتوبر 2014

بيت الصلحي بيت الجاك


اسم الكتاب: بيت الجاك

حوار مع إبراهيم الصلحي
المؤلف: فتحي عثمان
الناشر: مجموعة دال
تاريخ النشر: 2011





عرض: أسامة عباس

* بيت الجاك اسم برنامج تلفزيوني كان الرائد التشكيلي ابراهيم الصلحي يقدمه بتلفزيون أمدرمان-السودان في سبعينات القرن الماضي، فاتخذه المحاور/المؤلف عنواناً لحواره/كتابه هذا، وفي الكتاب يسأل المؤلف الصلحي عن مغزى الاسم، فيجيب: هو الكلام القائل (هذا هو البيت الذي بناه الجاك) ومعناه أن هناك علاقات متداخلة وأن كل شئ يقود إلي آخر، السياسة إلى الدين والدين إلى المجتمع ولابد من الحوار، وقد اشتمل الكتاب بالأضافة إلى الحوار، الذي نُشر قبلاً بمجلة كتابات سودانية في عام 1993م، اشتمل على مستنسخات لإثنين وخمسين لوحة من أعمال الصلحي - جيدة الطباعة - امتدت منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى أعوامنا هذه، وثُبِِّت مع كل لوحة قياسها الذي هي عليه في الأصل، زائدا عددا من الصور الفوتوغرافية للصلحي في منزلهم ووسط أهله في حي العباسية بأمدرمان، وجاءت عناوين الحوار على النحو الأتي : (أمدرمان، الطفولة والصبا/ مصادر الثقافة البصرية/ إنجلترة/ الموظف والفنان/ مصلحة الثقافة والسجن/ بيت الجاك والكتابة الابداعية/ المنفى، الاغتراب، الرسم والتلوين/ مدرسة الخرطوم) ليكون الكتاب بالتالي إضاءة ليست قليلة لحياة وتجربة الصلحي، وفرصة ثمينة لمشاهدة عدداً من لوحاته، فالصلحي (.. سيرته ملء السمع بينما إحتجبت أعماله عن البصر ) كما يكتب المؤلف ( بل ظل عمله في تطور مستمر استجابة لدواعي البحث المستمر عن معالجات جديدة للعلاقات البصرية المعقدة الناتجة عن عملية الرسم والتلوين).



بورتريه محمد المهدي المجذوب-رسم الصلحي

* وفي الحوار، نعرف أن الصلحي ولد في الخامس من ديسمبر في عام 1930م بحي العباسية، في أمدرمان، كما يجيب على سؤال المؤلف : ماذا تبقى عنده من ذكريات ؟ بالقول : ( من الطفولة لم تبق ذكريات فقط، بل أعتقد أنني مازلت طفلا ) ويتابع قائلا: أنه يتذكر التفاصيل منذ أن كان عمره عامين، ويسترسل متذكرا مراتع طفولته وأمدرمان وأحياءها القديمة وطبيعة العلاقات الاجتماعية التي كانت سائدة في ذلك الوقت. وأن والده كان أستاذا للفقه الاسلامي والتوحيد في المعهد العلمي بأمدرمان، وأنه كرجل دين كان متسامحا للغاية. ونعرف أن إبراهيم الصلحي أول أمره كان يريد الالتحاق بكلية الطب ولم يوفق، فالتحق بكلية الفنون وحدّث والده بذالك فقال له : (البسويهو الله، كلو سمح والخيرة فيما اختاره الله ). وقد كان الصلحي محبا للرسم وممارسا له منذ المرحلة الوسطى. وفي شأن علاقته الباكرة بالرسم ،يحكي عن سمكة كانت مرسومة في حائط غرفة والدته، وكان دائما ينظر إليها فسأل والدته مرة : (متى سنأكل هذه السمكة؟). كما يسأله المؤلف عما تمثله أمدرمان عند كثيرين نموذجاً لوحدة الشتات السوداني من قبائل مختلفة هل فعلاً امتزج هولاء الناس وانصهروا في أمدرمان؟ ليجيب في أمدرمان اجتمعت قبائل كثيرة جاءت في فترة المهدية لينشأ بعد ذلك ( شيئا جديدا يختلف عن الاقليمية الموجودة في المناطق الأخرى ولهذا لها ميزتها الخاصة في السودان )

* وحول مصادر الثقافة البصرية وما كان في المدينة من مظاهر فنية، مجيبا على سؤال المؤلف تحدث الصلحي عن الصناعات والحرف اليدوية التي كان يصنعها السودانيين في ذلك الوقت، كما أشار إلى خمس مناطق في السودان، قام بالذهاب إليها ولاحظ فيها انتاجا تشكيليا حرفيا متميزا، هي ( منطقة كبوشيه شمال شندي / شرق السودان في بورسودان وسواكن / جنوب السودان في بحر الغزال / غرب السودان في دارفور / الأنقسنا في منطقة النيل الأزرق ) واصفا في تفصيل مظاهر هذا الانتاج التشكيلي الذي وجده في تلك المناطق. وعن تجواله في أنحاء مختلفة من السودان للتعرف على الناس وثقافتهم سأله المؤلف، كيف ينظر اليوم إلى السودان وهو بعيد عنه وكيف يعرفه، إذ يقيم الصلحي منذ عقود في المملكة المتحدة بأوكسفورد، يقول ضمن ما قاله : (.. أنظر إلى السودان كذكرى من أروع الذكريات..) ويتابع ( أنا الآن أعيش بين أجمل الذكريات وبين مرارة قاتلة نحو حاضر السودان ) وكان الحوار قد أجري أصلا في عام 1991م.


شجرة أوكسفورد رقم 8 -رسم الصلحي

* أيضا سأله المؤلف عما يدور من حوار عن " الثقافة السودانية " وهل يعتقد أن الوحدة السياسية المسماة السودان قد بلغت من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية مرحلة يمكن التحدث فيها عن "ثقافة سودانية"...؟ يقول الصلحي : ( لا يوجد ما يمكن تسميته " ثقافة سودانية " ) مسترسلاً في إجابته ناظراً لتاريخ السودان القديم منذ حضارة وادي النيل والبطالسة والرومان مرورا بالفترة المسيحية ودخول العرب السودان و السلطنة الزرقاء ثم العهد التركي والمهدية، ليصل لوجهة النظر تلك. كما تحدث، عن ابتعاثه إلي إنجلترة لدراسة الفنون في منتصف خمسينيات القرن الماضي وتدريسه لها وإنشائه لمصلحة الثقافة وسجنه في عهد جعفر نميري وبرنامج بيت الجاك وعن الرسم والتلوين والاغتراب والمنفى والكتابة الابداعية وعن مدرسة الخرطوم. ليصير هذا الكتاب، أو يصير الصلحي كما يُخبرنا هذا الكتاب، بحق بيتاً للفنون والثقافة والحوار، قام ببنائه إبراهيم الصلحي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق