الاثنين، 3 نوفمبر 2014

رحلة خديجة صفوت إلى الصين




اسم الكتاب: رحلة فتاة سودانية إلى الصين

المؤلفة: خديجة صفوت
الناشر: دارالسويدي للنشر والتوزيع/ المركز الأفرو آسيوي للمرأة والثقافة
سلسلة ارتياد الآفاق - رحالات شرقيات
سنة النشر: 2006







عرض: أسامة عباس



* صدر هذا الكتاب "أفراح أسيا" أول مرة سنة 1966م وهو ثمرة رحلة قامت بها المؤلفة  سنة 1956، ضمن أول وفد نسائي من عشر سودانيات، إلى الصين، بدعوة من الاتحاد النسائي الديمقراطي الصيني. وقد ثَبّتَت المؤلفة في الصفحة الأولي من كتابها قصيدة لبابلو نيرودا من ديوانه "رياح آسيا" يقول مطلعها: ( في قرية الصين المحررة/ أبصرتُ كل شئ/ ولم يقصوا علي شيئا/ وكان الأطفال من حولي/ لايفسحون لي المجال لكي أسير/ وأكلت أرزهم/ وأكلت ثمارهم/ واحتسيت خمرهم/ خمر الأرز الشاحب).

* كتب نوري الجراح المشرف على سلسلة "ارتياد الأفاق" في مقدمته لهذا الكتاب: ( المثير للاهتمام أن الكاتبة، ومنذ أواسط الستينات، عنيت بكتابة أدب الرحلة، في وقت كانت كتابة اليوميات عن الأسفار وخلال الأسفار حكرا على الرجال). وللمؤلفة كتاب آخر في الرحلة، هو "ستار الصمت" حول أفريقيا البرتقالية، جاء بعد رحلة لها في دول غينيا وموزبيق وزيمبابوي. أما هذا الكتاب فهو ليس كتابة يوميات بالشكل المتواتر الذي نعرفه، حيث يسجل الزائر/ السائح وصفا ظاهريا أو حياديا للعمران ومايراه أمامه من مشاهد، رغم وجود القليل من ذلك، لكنها يوميات/ كتابة تُقدم لمحات ليست قليلة، عن الصين قبل حكم الشيوعيين عام 1949 وعما اتجهت إليه بعد ذلك التاريخ.


* عَرّفَ الكِتّاب بالصين الجديدة مستندا في ذلك، على حزمة كبيرة من المعلومات والتفاصيل، إذ لم تكتف المؤلفة بوصف ما تشاهده وحسب، بل أنها في معظم الأحيان تترك مثل ذلك النوع من الوصف، لتُسهب مُسترسلة في الأخِبار بالتواريخ والملاحم التي عَمّرت تلك المدن التي زارتها، عاقدة للمقارنات المدعومة بالاحصاءات، في أكثر من مجال، بين ما كان عليه الحال قبل 1949 وما صار عليه بعد ذلك. وجاء الكتاب عامرا بالمحبة والانحياز الكامل، إذ كُتب إبان أجواء الستينات المُتفائلة وحركات التحرر الوطني، حيث الأمل معقود والتحول يسير لخلق حياة جديدة للشعوب التي طردت لتوها المستعمر، لكن الكتاب لايخلو من حقيقة، ليست حقيقة الأرقام والاحصاءات والملاحم التي نقلتها المؤلفة عن الصين يومها، بل حقيقة المعجزة التي يمكن أن يصنعها البشر عندما يتضامنون.

                                               2
* زارت المؤلفة خلال رحلتها ثلاثة مدن هي ووهان المدينة المثلثة التي تضم "ووتساغ/ ووهان/ هانكاو" وتقع علي نهر اليانجس الذي كان قبل الثورة بمثابة رعب للسكان بسبب فيضاناته المدمرة، لكن تم التحكم في سريانه بواسطة السدود، ليصير مصدر وفرة وليس رُعبا وكارثة. أما الثانية فهي بكين التي تعد أقدم مدن الصين البالغ عددها 4541 مدينة، إذ أنشئت قبل ثلاثة آلاف عام، وتصف المؤلفة الشوارع التي تمر بوسط المدينة بانها واسعة تكاد تسع عشر سيارات لتسير معا. والمدينة الثالثة هي شانقهاي التي تعرضت للقمع والظلم تحت حكم البريطانيين والفرنسيين واليابانيين وحاكم الصين تشانج كاي تشيك، وهي المدينة التي انطلقت فيها شرارة الثورة وتأسس فيها الحزب الشيوعي الصيني عام 1921م.

* تُشير المؤلفة إلى كيف بدأ التحول في الصين الشعبية من سيادة الاقطاع إلى شراكة الكوميونات في اعمار البلاد، إذ اعتمدت الثورة علي الفلاحين الذين يمثلون أكثر من 80%، مُورِدة رؤية أحد قادة الصين "صن يات صن" الذي يقول: ( إذا كانت الثورة تحتاج الى فلسفة فلابد من اكتشاف عقل الفلاح الباطن والظاهر) لتظهر نماذج المزارع التعاونية التي يشرف علي كل منها مكتب يقدم الخبرات العلمية ويشتري جزءا من المحاصيل المنتجة. لتقول صفوت ان الكوميون (ليس هو الوحدة الاقتصادية التي تدير المؤسسات الانتاجية وحسب وإنما هو الجهاز المحلي الحاكم للشئون الاقتصادية والثقافية والعسكرية في المنطقة او الاقليم).


* تابعت صفوت في كتابها، التحول في الصين من خلال تأثيره علي حياة النساء والأطفال والفلاحين، مُقدِمة بالأرقام تطور الزراعة والصناعة والصحة والتعليم، وتحكي عن مدرسة ابتدائية تضم قاعات للموسيقى والرسم والرياضة والميكانيك والفلاحة والكيمياء، كما تحكي عن مستشفى الولادة الذي اتبع طريقة للوضوع دون ألم. وتخبر أيضا بـ "معهد الأقليات القومية"، توجد بالصين 50 قومية، الذي يُعني بتطوير اللغات القومية وتقديم البحوث في تاريخ تلك القوميات، وعلي الطالب ان يتعلم في المعهد اللغة الهانية باعتيارها اللغة الرسمية التي يتحدث بها 93% من سكان الصين، إضافة لتعلم لغة قومية أخرى. كما تُحبر عن عدد من المؤسسات الانتاجية، كمصنع السيارات الذي يحتل مساحة  350 متر مربع، والمؤسسات الثقافية، مثل قصور الصيف والأطفال والعمال، الصانعة لذلك التحول. 



المؤلفة في سطور


خديجة صفوت أكاديمية سودانية وباحثة في حقل الاقتصاد السياسي والتنمية والقضايا النسوية، لها العديد من الاصدرات بالانجليزية والعربية والبرتغالية والفرنسية، من أعمالها المترجمة للعربية كتب " الإسلام السياسي ورأس المال الهارب" و " النسوقراط - تأنيث التاريخ وإفقار سوق العمل: الاقتصاد السياسي لوأد البنات" و "الطرق الصوفية والأحزاب الحديثة في السودان" كما شاركت صفوت في وضع "الموسوعة العالمية للمرأة" التي صدرت عن "دار راتليدج" في كل من نيويورك ولندن وسيدني.


هناك تعليقان (2):